اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 541
الحوت والحوت في الماء وكان الليل مظلما أَنْ اى انه لا إِلهَ يعبد بالحق ويستحق للعبادة استحقاقا ذاتيا ووصفيا إِلَّا أَنْتَ يا من خضعت لك الرقاب وانتكست دون سرادقات جلالك أعناق ذوى النهى والألباب سُبْحانَكَ ربي انزهك عن جميع ما لا يليق بشأنك ولا ينبغي بجنابك إِنِّي بواسطة خروجي من بين قومي بغير اذنك ووحيك الى مع انك قد أرسلتني إليهم وبعثتني أنت بفضلك بين أظهرهم نبيا ذا دعوة وهداية قد كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى حكمك وأمرك لذلك ضيقت الأمر على يا ربي وحبستني في محبس مضيق وسجن عميق ولا مخلص لي عن هذا المضيق سوى عفوك وكرمك يا ربي وبعد ما تاب إلينا قادما ورجع نحونا مخلصا متضرعا واستخلص منا مضطربا مضطرا
فَاسْتَجَبْنا لَهُ وأجبنا دعاءه فاخرجناه من بطن الحوت وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ العظيم والكرب الكبير وَكَذلِكَ نُنْجِي عموم الْمُؤْمِنِينَ المخلصين الذين قد أخلصوا في انابتهم ورجوعهم نحونا من عموم كروبهم واحزانهم
وَاذكر ايضا يا أكمل الرسل أخاك زَكَرِيَّا الذي قد بلغ من الكبر والهرم الى حيث قد ايس عن من استخلفه من نطفته وقنط عن من يقوم مقامه من نسله فشكى الى الله وقت إِذْ نادى رَبَّهُ متمنيا متحسرا مفاجعا آيسا رَبِّ يا من رباني بأنواع اللطف والكرم الى ان كبرت وأشرفت اركان جسمي الى الانهدام وأجزاء جسدي الى الانحلال والانخرام لا تَذَرْنِي فَرْداً مقطوع الفرع منسى الذكر بلا ولد يخلفني ويرث عنى ويحيى اسمى من بعدي وَان جرى حكمك على هذا ومضى قضاؤك على ذا هكذا فلا أبالي به إذ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ وأكرم المستخلفين وبعد ما تضرع وتمنى ما تمنى وتضرع
فَاسْتَجَبْنا لَهُ عناية منا إياه وفضلا وَوَهَبْنا لَهُ من كمال جودنا يَحْيى المحيي لاسمه وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ بل نفسه بعد ما افسدهما الدهر وأخرجهما من قابلية الولادة والإيلاد وصيرنا زوجته شابة ولودا بعد ما قد كانت عجوزا عقيما إظهارا لكمال قدرتنا ووفور حولنا وقوتنا وانما فعلنا بالأنبياء المذكورين بما فعلنا بهم من كمال اللطف والكرم ومحض الفضل والإحسان إِنَّهُمْ من كمال توجههم وتحننهم نحونا قد كانُوا في عموم أوقاتهم وحالاتهم يُسارِعُونَ ويبادرون فِي الْخَيْراتِ ويسابقون الى الطاعات المقبولة عندنا وَمع ذلك يَدْعُونَنا في مناجاتهم بنا وفي خلواتهم معنا رَغَباً وَرَهَباً راغبين إلينا راجين منا عفونا وغفراننا راهبين عنا خائفين من صولة سطوة قهرنا وغضبنا وَبالجملة هم في عموم أحوالهم قد كانُوا لَنا خاشِعِينَ متذللين مخبتين ولذا نالوا ما نالوا بسبب خصائلهم هذه من جزيل العطاء والفوز بشرف اللقاء والبقاء بعد الفناء
وَاذكر في كتابك يا أكمل الرسل أختك العفيفة مريم عليها السّلام الَّتِي قد أَحْصَنَتْ وحفظت فَرْجَها من الحلال والحرام وصبرت على مشقة العزوبة بلا ميل منها ولا داعية الى الشهوة تقربا الى الله مع تحمل انواع المتاعب والمشاق في طريق توحيده وبعد ما قد بالغت في الحصن والمحافظة وبلغت في العفة غايتها فَنَفَخْنا فِيها أمرنا حامل روحنا يعنى جبرائيل عليه السّلام بان ينفخ في جيبها مِنْ رُوحِنا فنفخ فسرى الى جوفها فحبلت بعيسى عليه السّلام وَبعد ما وضعت حملها قد جَعَلْناها اى مريم وَابْنَها عيسى آيَةً عجيبة غريبة دالة على كمال قدرتنا وحكمتنا خارقة للعادة وهي إيجاد الولد بلا أب وايلاد المرأة بلا لمس فحل فصار هذا كرامة وإرهاصا لمريم ومعجزة لعيسى عليهما السّلام وعبرة لِلْعالَمِينَ من حسن حالهما ورفعة رتبتهما وعلو شأنهما
قال سبحانه مخاطبا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 541